الكاتب: د. هاني السقا
روى البخاري ومسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : ((قَدِمَ على النبي صلى الله عليه وسلم سَبْيٌ، فإذا امرأةٌ من السبي تَحلَّبَ ثَدْياها تَسْعى، إذْ وَجَدَتْ صَبِياً ـ لها ـ في السبي، أخذَتْهُ فألصَقَتْه ببطنها وأرضعته، فقال لنا النبي صلى الله عليه وسلم: أتُرَوْن هذه طارحةً ولدَها في النار؟ قلنا: لا، وهي تَقْدِرُ على أن لا تَطرحه، فقال: للَّهُ أرحمُ بعِبادِه من هذه بوَلَدِها)).
يقول الشيخ عبد الفتاح أبو غدة :
فانتَهَزَ صلى الله عليه وسلم المُناسبةَ القائمةَ بين يديه مع أصحابه، المشهودَ فيها حنانُ الأُمِّ الفاقِدة، على رَضيعها إذْ وَجَدَتْه، وضرَبَ بها المُشاكَلَةَ والمُشابهةَ برحمة الله تعالى، ليُعرِّفَ الناسَ رحمةَ رَبِّ الناسِ بعباده، ولم يَبتدِئهم أو يقْتَبِلهم بهذا المعنى اقتبالاً وابتداءً دون مناسبة، بل أورده لهم في هذه المناسبة، فكان ذلك دَرْساً وشَرْحاً لسَعَةِ رحمة الله تعالى ورأفتِه بمخلوقاته سبحانه (واللهُ رَؤوفٌ بالعِباد).