بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين .
وبعد ..
سورة نوح :
1 – شأن السور المكية أن تهتم بقضية التوحيد والتذكير بنعم الله سبحانه وتعالى على العباد – ومظاهر قدرته في الكون .
لكن هذه السورة تزيد عن مثيلاتها في شيئين هما :
· كثرة المحفزات والمغريات وقلة التهديد والوعيد .
· طول أمد الدعوة التي استمرت لعدة قرون .
2 – بيد أن السؤال الذي يفرض نفسه هنا :
هل هذه البشرية تستحق كل هذا الإغراء وكل هذا الصبر وكل هذا الجهد الضخم من إرسال الرسل في كل زمان ومكان وبذل النفوس والأموال وأصناف التضحيات وهم الذين يكفرون ويسفكون الدماء ويفسدون في الأرض ؟ .
إن هذه الثلة المؤمنة التي يتشرف بها كل زمان ومكان والتي ينعم الله عليها ويثبتها على دينها ، والتي اصطفاها الله تعالى لنشر تلك الدعوة وحمل هذه الرسالة في العالمين، هذه الفئة المؤمنة التي يحفظ الله بها الذكر والقرآن والإسلام لتكون ترجمة عملية لهذا الدين هي التي تجعل البشرية تستحق هذا الكرم وذاك الفضل من الله .
لأنهم يتحملون مواجهة الباطل بأشكاله المختلفة عسكريا كان أو ثقافيا أو اقتصاديا ، يتحملون إنفاق المال وبذل النفوس ، وبذل كل ما في الوسع والطاقة، بل ويتحملون ما فوق طاقتهم حبا في دينهم وحبا لربهم .
3 – وقت نزول هذه السورة الكريمة :
كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤذى وينكل بأصحابه ، ويشتد بهم الإيذاء وكان لهم في قصة سيدنا نوح المثل والأسوة ؛ ليصبروا ويصابروا ويثبتوا ويرابطوا، ليس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقط بل على مدار الزمان الطويل الذي تعيشه أمته .
4 – مظاهر الرحمة في السورة الكريمة :
رحمة الله التي تتجلى في حرص الله تعالى على إرسال الرسل كي لا يمسهم العذاب الأليم : ( إنا أرسلنا نوحا إلى قومه أن أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم ) . وهذا الترغيب الموسع لإطماعهم وجذبهم إلى صفوف الإيمان .
5 – الرسل والدعاة يفهمون مراد الله ، من أجل ذلك يصبرون على أقوامهم ويتحملون في سبيل ذلك كل أنواع التضحيات .
6 – الرسل والدعاة يلجون كل طريق ، ويسلكون كل سبيل ، ويتخذون كل الوسائل المشروعة من أجل دعوة الناس إلى دين الله عز وجل .
7- عاقبة الشر :
إذا تمحض الشر وصار خالصا ، وخلع عن كاهله كل ثياب الخير ، وأصبح الخير عاجزًا عن جذبه إلى صف الإيمان ولم يستطع المؤمنون الدفاع عن أنفسهم وعن دينهم يتدخل الله عز وجل بقوته المطلقة وقدرته الفائقة ليريح الأرض ومن عليها من الفساد والمفسدين {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً }الأحزاب62.