قال ابن القيم رحمه الله في مقدمة كتابه (مدارج السالكين) عن القرآن الكريم:
أنه هو الكتاب المبين، الفارق بين الهدى والضلال والغي والرشاد والشك واليقين، أنزله لنقرأه تدبرا، ونتأمله تبصرا، ونسعد به تذكرا، ونحمله على أحسن وجوهه ومعانيه، ونصدق به ونجتهد على إقامة أوامره ونواهيه، ونجتني ثمار علومه النافعة الموصلة إلى الله سبحانه من أشجاره، ورياحين الحكم من بين رياضه وأزهاره، فهو كتابه الدال عليه -لمن أراد معرفته-، وطريقه الموصلة لسالكها إليه، ونوره المبين الذي أشرقت له الظلمات، ورحمته المهداة التي بها صلاح جميع المخلوقات، والسبب الواصل بينه وبين عباده إذا انقطعت الأسباب، وبابه الأعظم الذي منه الدخول فلا يغلق إذا غلقت الأبواب، وهو الصراط المستقيم الذي لاتميل به الآراء، والذكر الحكيم الذي لا تزيغ به الأهواء، والنزل الكريم الذي لا يشبع منه العلماء،
لا تفنى عجائبه، ولا تقلع سحائبه، ولا تنقضي آياته، ولا تختلف دلالاته، كلما ازدادت البصائر فيه تأملا وتفكيرا زادها هداية وتبصيرا، وكلما بجست معينه فجر لها ينابيع الحكمة تفجيرا، فهو نور البصائر من عماها، وشفاء الصدور من أدوائها وجواها، وحياة القلوب ولذة النفوس ورياض القلوب وحادي الأرواح إلى بلاد الأفراح والمنادي بالمساء والصباح ياأهل الفلاح حي على الفلاح.