{وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (48) وَقَالُوا يَا أَيُّهَ السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ (49) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ} [الزخرف: 48 – 50]
أرسل الله إليهم رسله، وأراهم دلائل صدقهم، ولكنهم كذبوا، فأصابهم بذنوبهم لعلهم يعودوا إلى رشدهم، ويعتذروا إليه، فيسعدوا..
لكنهم وفي عز بلاءهم يتكلمون بكل ما تحمله كلمة “سوء أدب” مع الله ورسوله من معان..
فخاطبوا رسوله بكِبر، وتكذيب ظاهر فقالوا: {يَا أَيُّهَ السَّاحِرُ}.. بل وتكبروا على الله فقالوا لرسولهم: {ادْعُ لَنَا رَبَّكَ}، فهم لم يتواضعوا حتى عند بلاءهم، ولم يقولوا: “ربنا” بل كان لسان حالهم: “ربك أنت الذي لا نعترف به ولا نُصِّدقك في ادعائك بربوبيته”.
.. ومع كل ذلك فإن الله يكشف عنهم العذاب، ويرسل لهم رخاء جديدًا ينعموا فيه، فهل اعتبروا؟ وهل وفُّوا بعهدهم {ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ}.. كلا، بل نكثوا في عهدهم فرارًا من الله سبحانه، وكفرًا وجحودًا به.. فهانوا عليه سبحانه فأنزل بهم العذاب، وذكر ذلك في لهجة توحي بأنه ما كان يحب هو ذلك، بل هم الذين جلبوه لأنفسهم بإعراضهم المتتالي عنه سبحانه وبإخلافهم لوعودهم، يقول تعالى: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ} [الزخرف: 55، 56]
فهل يعتبر الإنسان ويتواضع لربه سبحانه، ويتعظ بقصتهم وبحالهم .. يقول تعالى: {فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ}، ليقف كلٌ منا على عتبة العبودية، ولا يبرحها، ويعيش في كنفه سبحانه حتى يلقاه وهو راض عنه.
ولنعلم أنهم هانوا على الله فصنع بهم ما صنع، ولو عزُّوا عليه لعصمهم، فلا نقترف ما اقترفوا كي لا نصل إلى ما وصل إليه حالهم.