الكاتب: محمد إقبال
من يحسن التعرض للقرآن مهما كانت لغته أو جنسيته أو عمره فإنه ينتفع بالقرآن أيما انتفاع، و يتأثر به إيما تأثر، فالقرآن لا تقف أمامه عوائق، و إنما تأتي العوائق منَّا نحن، فمن تخلص من عوائقه و تجرد للقرآن و أحسن الدخول عليه فإنه يفيض عليه من بركاته و أنواره و هداه…
و من نماذج الأعاجم الذين تأثروا بالقرآن و استفادوا منه استفادة عظيمة: شاعر الإسلام محمد إقبال.
يقول أبو الحسن الندوي:
لقد أثَّر (القرآن الكريم) في عقلية إقبال، و في نفسه ما لم يؤثر فيه كتاب و لا شخصية، و لم يزل محمد إقبال إلى آخر عهده بالدنيا يغوص في بحر القرآن، و يطير في أجوائه، و يجوب في آفاقه، فيخرج بعلم جديد، و إيمان جديد، و إشراق جديد، و قوة جديدة.
و كلما تقدمت دراسته، واتسعت آفاق فكره، ازداد إيمانًا بأن القرآن هو الكتاب الخالد، و العلم الأبدي و أساس السعادة، و مفتاح الأقفال المعقدة، و جواب الأسئلة المحيرة، و أنه دستور حياة، و نبراس الظلمات.
و لم يزل يدعو المسلمين و غير المسلمين إلى التدبر في هذا الكتاب العجيب، و فهمه، و دراسته، و الاهتداء به في مشكلات العصر، و استفتائه في أزمات المدنية، و تحكيمه في الحياة و الحكم، و يعتب على المسلمين إعراضهم عن هذا الكتاب، الذي يرفع الله به أقوامًا، و يضع به آخرين.
يقول إقبال:
إنك أيها المسلم لا تزال أسيرًا للمتزعمين للدين، والمحتكرين للعلم، و لا تستمد حياتك من القرآن رأسًا، إن الكتاب الذي هو مصدر حياتك ومنبع قوتك، لا اتصال لك به إلا إذا حضرتك الوفاة، فتُقرأ عليك سورة «يس» لتموت بسهولة. فواعجبا! قد أصبح الكتاب الذي أُنزل ليمنحك القوة يتُلى الآن لتموت براحة و سهولة [1]
ويقول: أقول لكم ما أؤمن به وأدين: إنه ليس بكتاب فحسب، إنه أكثر من ذلك، إذا دخل القلب تغير الإنسان، و إذا تغير الإنسان تغير العالم [2]..
[1] روائع إقبال: 28- 40 باختصار. [2] المصدر السابق 158.