الكاتب: سيد قطب
{وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} [الطور: 25 – 28].
السر إذن أنهم عاشوا على حذر من هذا اليوم. عاشوا في خشية من لقاء ربهم. عاشوا مشفقين من حسابه. عاشوا كذلك وهم في أهلهم، حيث الأمان الخادع. ولكنهم لم ينخدعوا. وحيث المشغلة الملهية. ولكنهم لم ينشغلوا.
عندئذ مَنَّ الله عليهم ووقاهم عذاب السموم، الذي يتخلل الأجسام كالسم الحار اللاذع! وقاهم هذا العذاب مِنَّة منه وفضلاً، لما علم من تقواهم وخشيتهم وإشفاقهم.
وهم يعرفون هذا. ويعرفون أن العمل لا يدخل صاحبه الجنة إلا بمنة من الله وفضل. فما يبلغ العمل أكثر من أن يشهد لصاحبه أنه بذل جهده، ورغب فيما عند الله. وهذا هو المؤهل لفضل الله .
وقد كانوا مع الإشفاق والحذر والتقوى يدعون الله: { إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ }. . وهم يعرفون من صفاته البر بعباده والرحمة بعبيده: { إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ}.
وكذلك ينكشف سر الوصول في تناجي هؤلاء الناجين المكرمين في دار النعيم .