الكاتب : شعبان شحاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد ..
الهدف العام للسور الكريمة / بناء الإيمان..
يدل سياق السورة على أن بناء الإيمان يكون من خلال إثبات وقوع القيامة والبعث والحساب ، والجنة والنار ، وإثبات خلق الله للإنسان والزرع والماء ، والنجوم والأجرام ، وهو منزل القرآن الذي يخبرهم بكل ذلك ، وهو المحيي المميت ، المجازي كل نفس بما عملت .
فإن كانوا غير محاسبين وغير مؤمنين بالبعث والحساب ، وإن كان ذلك غير حاصل – حسب زعمهم – فليرجعوا الروح فلا تخرج من جسد الإنسان إن كانوا صادقين في زعمهم !
والرد عليهم جاء في سياق السورة ( قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم ) . وبعرض الجزاء الكريم للمقربين وأصحاب اليمين ، وبوقوع العذاب المهين لأصحاب الشمال المترفين .
وفي قوله سبحانه : (فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ (89) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (90) فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (91) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (92) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (93) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (94) إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (95) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (96) .
وتنتهي السورة بالتسبيح ، وهو المقام اللائق بالخالق العظيم ..
ويأتي التسبيح تنزيها لله ، وانبهارا بعظيم قدرته وبديع صنعه .
وتبدأ السورة التي بعدها – وهي سورة الحديد – بالتسبيح أيضا : {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } الحديد1 . اتساقا مع هذا المعنى وترتيبا عليه .
وتبقى للمؤمن وقفة مع الآيات وهويقلب صفحات المعذبين وينظر أعمالهم ، وصفحات المنعمين وينظر أعمالهم . وهو ما زال في الدنيا وقد منحه الله فرصة الحياة ، وهبة الإيمان بالله والقرآن ، فيغتنم الفرصة ، ويملأ الأوقات ، ويشغل الأنفاس ، والحركات والسكنات ، ونومه ويقظته ، وحله وترحاله ، بما يقربه من ربه ومولاه ، الذي خلقه وهداه ، إلى أن يذوق حلاوة القرب التي لا تعدلها زخارف الدنيا ، وتهديه طاعاته إلى حب الله والشوق إليه ، وطلب رضاه ..
وإنه لمشوار طويل يستغرق الأعمار ، ويطوي الأوقات ، وإن الأعمار لقصيرة – لو كانت كلها في طاعة الله – إذا قوبلت بنعم الله .
والحمد لله رب العالمين .