يقول أبو بكر الصديق رضي الله عنه: وهذا كتاب الله فيكم، لا يُطفأ نوره، ولا تنقضي عجائبه، فاستضيئوا بنوره،
وانتصحوا كتابه، واستضيئوا ليوم الظلمة[1]. [136]
وكان جلساء عمر أهل القرآن كهولًا كانوا أو شبابًا[2].
وكان يقول: إن هذا القرآن كائن لكم أجرًا، وكائن لكم شرفًا وذخرًا، فاتبعوه ولا يتبعنكم، فإنه من اتبعه القرآن زخَّ[3]في قفاه حتى يقذفه في النار، ومن تبع القرآن ورد به جنات الفردوس،فليكونن لكم شافعًا إن استطعتم، ولا يكونن بكم ماحلًا[4]، فإنه من شفع له القرآن دخل الجنة، ومن محل به القرآن دخل النار.
واعلموا أن هذا القرآن ينابيع الهدى وزهرة العلم، هو أحدث الكتب عهدًا بالرحمن، به يفتح الله أعينًا عميًا، وآذانًا
صُمًّا،وقلوبًا غُلفًا.
ألا وإن قراءة القرآن مع الصلاة كنز مكنون وخير موضوع، فاستكثروا منه ما استطعتم، فإن الصلاة نور، والزكاة
برهان، والصبر ضياء، والصوم جُنَّة، والقرآن حُجَّة لكم أو عليكم.
فأكرموا القرآن ولا تهينوه، فإن الله مُكرِم من أكرمه، ومهين من أهانه، واعلموا أنه من تلاه، وحفظه، وعمل به، واتبع ما فيه كانت له عند الله دعوة مستجابة،إن شاء عجلها له في دنياه، وإلاكانت ذُخرًا له في دنياه واعلموا أن ما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون[5]. [152- 153].
وقال عمر: اقرؤوا القرآن تُعرفوا به، واعملوا به تكونوا من أهله[6].
عن أبي العالية قال: قال رجل لأُبي بن كعب: أوصني، قال: اتخذ كتاب الله إمامًا، وارض به حكمًا وقاضيًا، فإنه الذي استخلف فيكم رسولكم، شفيع مطاع،وشاهد لا يُتَّهم، فيه ذكركم، وذكرمن قبلكم، وحكم ما بينكم، وخبركم وخبر ما بعدكم[7].
المدرسة مفتوحة:
يقول الشيخ على الطنطاوي: اعلموا أن المدرسة التي تخرَّج فيها عمر: مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم، لا تزال مفتوحة، والطريق الذي مشى فيه عمر لا
يزال مشتعلًا مضيئًا، فاهتدوا به يهدكم إلى عز الدنيا، وإلى نعيم الجنة في الآخرة.
[1] تاريخ الخلفاء للسيوطي (83). [2] تاريخ عمر لابن الجوزي (213). [3] زخ: أي رفع. [4] ماحلًا: أي خصمًا مجادلًا. [5] حياة الصحابة (3/233) نقلًا عن كنز العمال (1/217). [6] المجالسة وجواهر العلم للإمام الدينوري (4/115). [7] تذكرة الحفاظ (1/392).