﴿وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ﴾
[البقرة:78]ترسم هذه الآية صورة بعض المثقفين المغفلين آنذاك الذين تعلقت قلوبهم – كما هم الآن أيضًا- بأوهام وأماني حول عالم مثالي “يتوبيا”، بد ً لا من التعلق بحقائق الدين.
والحقيقة أننا نرى في أسس الماركسية والشيوعية والرأسمالية هذه الأماني التي هي نوع من الهروب من الدين إلى عالم الخيال واليوتوبيا والتكهنات.
ومن المؤلم أن التاريخ يكرر نفسه في موضوع الأماني هذه، وسار في هذا الأمر النصارى على نهج اليهود، كما لم يتردد بعض المسلمين أيضًا من اقتفاء اثر هؤلاء. أجل!
فالمسلمون اليوم تائهون يدورون -مثل السابقين- في فلك الآمال التي أطلق القرآن الكريم عليها اسم “الأماني” وحال العالم الإسلامي الآن أكبر شاهد على هذا فقد ورد حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم َلتتبعن سنن من َقبَل ُ كم شِبرًا بشبرٍ وذراعًا بذِراعٍ حتى َلو سَلكُوا جحر ضبٍّ َلسَلكتموه. قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: َفمن”.
والأماني جمع “أمنية” وتأتي بمعنى التمنيات والخيالات التي لا يمكن تحقيقها في الواقع. ومع أنها قد تختلط مع المثالية، إلا أنها تعني الفرضيات والنظريات التي يستحيل تحقيقها. ومع أن بعضها قد يبدو ممكن التحقيق إلا أن أنها في الأعم الغالب أمور خيالية تبقى معلقة في الخيال ولا يمكن الوصول بها إلى الهدف المنشود. لذا كانت هذه الأماني تكهنات وخيالات خادعة بالنسبة للمتمني، وحسرة قاتلة بالنسبة للمجتمع.
فإذا كان المثقفون في مجتمع ما غير قادرين على الرؤية الواضحة وعلى القراءة الصحيحة للأمور، وإذا كان أنصاف المثقفين وكتل الجماهير الغافلة والمستغفلة تركض وراء سراب مثل هذه الخيالات والأوهام والأماني، فمعنى هذا أن هذا المجتمع محكوم عليه بالوقوع في شباك المستحيلات ومقضي عليه هناك.