﴿ أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة : 259].
إن هذه الآية وإن أشارت إلى حادثة خاصةنعم ظهرت فيها قدرة الله عز وجل بأن أحيا ميت بعد مائةعام غضًا طريًا ، وأبقى الطعام – الذي يفسد في الفضاء المفتوح بسرعة – مائة عام لم يفسد ولم يتعفن: فإنني أعتقد أن الآية الكريمة تنطوي على معنى لطيف آخر ، وهو أن الله عز وجل قد يحيي دينه ورسالته بعد خمودها ، وانفصام صلة الشعب والبلاد بها ، وفقدان الدفاع عنها ، وضعف الحمية لها لمدة طويلة قد تبلغ مائة سنة ، ويعيد إليها النضارة والطرواة .
فإنه إذا كان قادرًا على إبقاء الطعام طيبًا شهيًّا لمدة مائة عام لم يفسد ولم يأسن فهو قادر – جل شأنه – على إبقاء دينه بعد مضي مائة عام أو أكثر عليه ، في أوضاع متنكرة وظروف قاسية – حينًا – غضًّا صحيحًا. وإنني أرى في هذه الآية الكريمة بشرى سارة بأن الشعوب والبلاد التي رفعت راية الإسلام وأرهبت الغرب المستعمر قرونًا من الزمن ، ستعود إلى الازدهار والحياة والنشاط.
﴿ تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ ﴾ [آل عمران : 27].