مع المتدبرين

(اقرأ باسم ربك الذي خلق) قول وعمل

الكاتب: الشيخ عبد اللطيف السبكي (بتصرف)

نزل القرآن ـ منذ بدايته ـ مطلعُ حياةٍ جديدةٍ، وكانت تستقبلها الدنيا في ترقب, ويرنو إليها الزمن في رجاء، فلما حانت, هشت لها الإنسانية في تفاؤل واطمئنان، واستمدت من نفح القرآن بشائر صادقة, وأملا موصولا, وطموحًا إلى نجاح غير محدود.

وشاءت حكمة الله تعالى, أن يجعل إشراقة هذه الحياة في جملة يسيرة من كتابه, نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فأخذت مأخذها من نفسه رهبةً وإجلالا, واستأثرت بمشاعره تقديرًا وإدراكًا, واهتز لها وجدانه خشيةً وإيمانًا, وابتهجت روحه تعلقا بما أُوحِيَ إليه, وتهيأت عزيمته لحمل ما يلقى عليه …..

هي جملةٌ وجيزةٌ في لفظها، فسيحةٌ في مفهومها هي قوله تعالى (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ).

هكذا فعلت أول جملة في النبي صلي الله عليه وسلم…. ؛

لقد تأثر بها حتى أصبحت البسملة، أو ذكر اسم الله قبل كل شيء منهج حياة عنده صلى الله عليه وسلم

فأين نحن من ذلك أيها الأحباب……..؟

فبهذه الجملة نستطيع؛ إيقاظ المشاعر نحو عظمة الله ــ سبحانه وتعالى ــ وإلى الاستعانة به، والاعتماد عليه, ولنذكره بذكر اسمه أول كل شيء نريده كما أمر في أول توجيه في كتابه (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ).

وتأتي نهاية الآية بهذه الجملة الأخرى وهي قوله تعالى: (الَّذِي خَلَقَ) لكي تعطينا توجيهًا غير مباشرَ؛ أن الذي خلق كل شيء هو الله  ـ جل جلاله ـ بما فيهم أنت أيها الإنسان! الذي لا تريد أن تقتنع بأن تذكر اسم الله قبل البدء في أي عمل, والله يجعلك بهذه النهاية للآية وهو قوله تعالى (الَّذِي خَلَقَ) , تسمع وتطيع وبدون تردد, لأنه الخالق وإذا كان هو الخالق؛ إذن هو المالك لك, وإذا كان هو المالك لك, إذن هو الآمر وحده, وبعد ذلك ليس لك سوى السمع والطاعة؛

فما أجملها من آية! لأنها تحتوي على البسملة أو اسم الله…………

وما أحلى وما أروع من أن نتخذها ـ باسم الله ـ منهجًا في حياتنا حتى نلقى الله………….!

من كتاب (نفحات القرآن) للشيخ عبد اللطيف السبكي بتصرف.