بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد
فالقرآن الكريم هو أعظم معجزة نزلت من السماء .. أعظم من عصا موسى ، وناقة صالح، و… ، ولإعجاز القرآن جوانب متعددة ( كالبياني ، والتشريعي والغيبي ، ولكن يكمن سر إعجازه الأعظم في شدة تأثيره الإيجابي على كيا الإنسان .. على عقله وعلى قلبه وعلى نفسه ، لينعكس ذلك كله على اهتماماته ومشاعره وسلوكه ، فيكون النتاج : مؤمن صالح مصلح تتأسس عليه الأسرة المسلمة فالمجتمع المسلم .
.. القرآن نور مبين ودواء عظيم ، له القدرة – بإذن الله – على تحرير كل من يُحسن التعرض له من كل سجن وكل ظلمة تُحيط به ﴿ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ﴾ [فصلت : 44].
ومع ذلك فإننا لانكاد نرى أثرًا إيجابيًّا ملحوظًا فيمن يتعامل مع القرآن سواء كان ذلك التعامل تلاوة – سماعًا – حفظًا – مدارسة – تعليمًا …
ويقينًا أن القرآن الذي بين أيدينا هو القرآن الذي قال الله عنه ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ [الإسراء : 9] ، وقال : ﴿ لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ﴾ [الحشر : 21] و… .
فمصدر التغيير كما هو ، لتبقى القضية عند من يتعامل معه .
فإن قلت : إن المشكلة تكمن في أننا لا نعرف قواعد اللغة العربية والتي على أساسها يُفهم القرآن .
أو قلت : إن أمراض القلوب هي التي تحول بيننا وبين التأثر بالقرآن ، أو قلت … أو قلت…
قل ما تشاء ، فليست هذه هي الأسباب الحقيقة لعدم انتفاعنا بالقرآن في تحصيل العلم والإيمان ومِن ثَمَّ التغيير ، ولك اخي القارئ أن تعود لكتب : (العودة إلى القرآن لماذا ، وكيف ؟) ، و( تحقيق الوصال بين القلب والقرآن ) ، و( إنه القرآن سر نهضتنا) ، فستجد فيها بفضل الله عز وجل ما قد يقنعك بأن سبب عدم انتفاعنا بالقرآن ليس ما ذكرته ، بل هو سبب رئيسي يمنعنا من الاستفادة بالقرآن العظيم ألا وهو : ضعف الثقة بقدرة القرآن – بإذن الله – في إحداث التغيير الصحيح في ذات المسلم .
ضعف الثقة أو التصديق أو الإيمان بأن هذا القرآن نورٌ مبين يُبدد أي ظلمة في داخل من يُحسن التعرض إليه .
.. ضعف الإيمان بأن القرآن هو الدواء الحاسم والناجع لكل أمراضنا .
.. ضعف الثقة بأن هذا القرآن قادر – بإذن الله – على صياغة المسلم وإعادة تشكيل عقله ووجدانه ، وتزكية نفسه ، ليكون من بعده مؤمن صالح مصلح ، حتى لا يقِر حتى ﴿ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ﴾ [الأنفال : 39].
ولقد تم الحديث في غير هذه الصفحات عن القرآن ووظيفته المتفردة في التغيير ، ومناقشة الموانع والعوائق التي تحول بيننا وبين الانتفاع بالقرآن .
وفي هذه الصفحات يتم الحديث بعون الله عز وجل عن أناس انتفعوا بالقرآن ، وإن شئت فقل : سنقرأ سويًّا شهادات أفراد من المسلمين عن القرآن بعد أن أحسنوا – بعون الله – التعامل معه ، لعل هذه الشهادات تزيدنا ثقة وإيمانًا بالقرآن كمصدر متفرد للشفاء والتغيير، ومِن ثَمَّ يزداد إقبالنا عليه وحرصنا على التعامل الصحيح معه ..
﴿ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا ﴾ [التغابن : 8].