الكاتب: أبو الحسن الندوي
﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة : 3]
إن الله منَّ على المسلمين بالنعمة العظيمة الجليلة بإتمام هذا الدين وختم النبوة والرسالة ، فهو من أكبر النعم ، والضمان الأكبر للحفاظ على الشريعة الإسلامية وصيانتها ، ووحدة الأمة ، واجتماع كلمتها.
ولم تُرزق أي أمة من الأمم بهذه النعمة الجسيمة ، ولم تُخاطب بهذا الإعلان الكبير ، وقد قال عالم يهودي – متحسرًا على عدم إدراك هذه النعمة – لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه : (آية في كتابكم تقرؤونها ، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدًا).
إن قوله تعالى ﴿ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ﴾ [المائدة : 3] يقتضي منا أن نقف عند حدود الله تعالى ، ونتمسك بشريعته في الأخلاق والاجتماع والمدنية والحضارة ، فضلًا عن المعتقدات والعبادات ، ونحصر أنفسنا في دائرة التعاليم الإسلامية والقيادة القرآنية ، وخطوطها ومعالمها الواضحة ، ولا يجوز لنا أن نحاكي الغرب اجتماعيًّا وحضاريًّا ومدنيًّا ، وأن نكون ظِلًّا ملازمًا له ، فقد رزقنا الله تعالى مع الأسس والمعتقدات والمبادئ نظامًا كاملًا مستقلًا للمعاملات ، وحضارة متميزة فريدة ، ومدنية صالحة مستقيمة ، يجب أن تتمثل بها تمثيلًا صادقًا .