في كثير من الأحيان يسمع أحدنا الموعظة أو يقرأ الآية فيتأثر تأثراً شديداً ويبدو هذا التأثر واضحاً على سلوكه فما الذي حدث؟
لقد نشأت لدى هذا الشخص حالة إيمانية بالفعل حيث تأثرت مشاعره بهذا الحدث تأثراً نشأ معه الإيمان.
غير أن هذا الأثر –في الغالب- يزول بسرعة في يوم أو يومين وربما أقل من ذلك فأين ذهب هذا الإيمان؟
من المعلوم أن الإيمان يزيد وينقص، ولكن إيمان المؤمن لا بد أن يكون حده الأدنى أكثر من 50% من مساحة قلبه ، ثم بعد ذلك يزيد وينقص حسب همته أو فتوره في الطاعة.
وهذا الإيمان بهذه النسبة هو ما يجعل المؤمن يأخذ القرار في اتجاه الإيمان مهما كان صعباً إذ القلب يتنازعه قوتان (الإيمان و الهوى) فأيما غلب أحدهما كان له القرار، وهو ما يفسر لنا عدم قيامنا بالليل والتخلف عن صلاة الفجر والتبكير إلى الجماعة وكثير من الأمور التي يغلب فيها الهوى.
فالحد الأدنى من الإيمان إذن هو ما يزيد على الهوى، ولذلك فقد روى الإمام أحمد عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : (لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما…)الحديث
لذلك يجب أن نبحث عن مصدر يمدنا بهذا القدر من الطاقة الإيمانية وهذا المصدر يكون مستمراً وليس لحظياً.
لكن ثمة نقطة أخرى تجعلنا نقف أمامها في حيرة شديدة، ذلك أنك قد ترى شخصاً يتأثر بموعظة ما وتدمع عينه ويرق قلبه ثم ما تلبث أن تجده يتصرف عكس ما يبدو من حالته الإيمانية فما تفسير ذلك؟
الأمر يتضح –بإذن الله- عندما نتذكر ما مر من حقيقة الإيمان وأنه مشاعر والمشاعر متعددة ومتنوعة كـ( الخوف والرجاء والحب والفرح و….).
والمثال الذي ذكر آنفاً –وهو عنا غير بعيد- إنما يفسره أن هذا الشخص قد تأثر في مشعر معين دون بقية المشاعر فهب أنك سمعت موعظة في الموت وأهوال القيامة فتأثرت مشاعر الخوف عندك فهل هذا يؤثر على سلوكك مع الله في الرضا بقضائه مثلاً؟
بالطبع لا فإن الخوف مشعر والرضا مشعر آخر.
وهذا يفسر –مثلاً- لنا تسخط رجل سرق حذائه من المسجد بعد صلاة الجمعة وسماع خطبتها والتأثر بها.
لهذا فنحن نحتاج إضافة إلى ما سبق أن يكون المصدر الذي يمدنا بالإيمان الدائم المستمر القوي هو في نفسه يحمل تغذية لجميع المشاعر لكي يزيد الإيمان في جميعها فتُحدث –بإذن الله تعالى- تغييراً في السلوك كله أيضاً….
فما هو هذا المصدر؟ وأين نجده؟
هذا ما سنعرفه -إن شاء الله تعالى- في المقالات القادمة فتابعونا.