إن الصورة الموروثة عندنا عن القرآن وأنه كتاب بركة، وكتاب للأموات والمرضى و…
إن هذه الصورة لهي من أسباب عدم انتفاعنا بالقرآن ككتاب هداية وشفاء، وككتاب صلة بالله سبحانه وتعريف به وتعرُّف عليه سبحانه..
لقد ظلمنا أنفسنا حين وضعنا القرآن في إطار غير الذي نزل له، وتعاملنا معه بالشكل الذي ورثناه لا بالشكل المطلوب منا أن نتعامل به معه..
في هذا المعنى يقول عمر عبيد حسنة:
إن الصورة التي طبعت في أذهاننا، في مراحل الطفولة للقرآن أنه لا يُستدعي للحضور إلا في حالات الاحتضار والنزع والوفاة، أو عند زيارة المقابر، أو نلجأ لقراءته عند أصحاب الأمراض المستعصية، وهي قراءات لا تتجاوز الشفاة.
فإذا انتقلنا إلى مراكز ودروس تعليم القرآن الكريم، رأينا أن الطريقة التي يُعلَّم بها يصعب معها استحضار واصطحاب التدبر والتذكر والنظر، إن لم يكن مستحيلاً..
فالجهد كله ينصب إلى ضوابط الشكل من أحكام التجويد ومخارج الحروف، وكأننا نعيش المنهج التربوي والتعليمي المعكوس… فالإنسان في الدنيا كلها يقرأ ليتعلم، أما نحن فنتعلم لنقرأ! لأن الهم كله ينصرف إلى حسن الأداء… وقد لا يجد الإنسان أثناء القراءة فرصة للانصراف إلى التدبر والتأمل، وغاية جهده إتقان الشكل، وقد لا يعيب الناس عليه عدم إدراك المعنى قدر عيبهم عدم إتقان اللفظ.
ونحن هنا لا نهوّن من أهمية ضبط الشكل، وحُسن الإخراج، وسلامة المشافهة، ولكننا ندعو إلى إعادة النظر بالطريقة حتى نصل إلى مرحلة التأمل والتفكر والتدبر التي تترافق مع القراءة[1].
[1] كيف نتعامل مع القرآن لمحمد الغزالي , ص (17).