مواقف تربوية

محاورة تربوية

الكاتب: د. هاني السقا

روى أحمدُ، واللفظُ له، والطبراني عن أبي أُمامة الباهِلي رضي الله عنه: أن فتى شابّاً أَتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسولَ الله، ائذنْ لي بالزنى، فأقبلَ القومُ عليه فزَجَروهُ وقالوا: مَهْ مَهْ.

فقال صلى الله عليه وسلم: ادْنُهْ، فدنا منه قريباً فجلَسَ، فقال صلى الله عليه وسلم له: «أتُحِبُّهُ لأمِّك؟» قال: لا واللهِ يا رسول الله جَعَلني الله فِداك، قال: «ولا الناسُ يُحِبّونَهُ لأمَّهاتِهم».

قال: «أفتُحِبُّهُ لابنتك؟» قال: لا واللهِ يا رسول الله جَعَلني الله فِداك، قال: «ولا الناسُ يُحِبّونَهُ لبَناتِهم».

قال: «أفتُحِبُّهُ لأختِك؟» قال: لا واللهِ يا رسول الله جَعَلني الله فِداك، قال: «ولا الناسُ يُحِبّونَهُ لأخواتِهم».

قال: «أفتحبُّهُ لعمتِك؟» قال: لا واللهِ يا رسول الله جَعَلني الله فِداك، قال: «ولا الناسُ يُحِبّونَهُ لعمّاتِهم».

قال: «أفتحبُّهُ لخالتِك؟» قال: لا واللهِ يا رسول الله جَعَلني الله فِداك، قال: «ولا الناسُ يُحِبّونَهُ لخالاتِهم».

قال: فوَضَع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَدَه عليه، وقال: «اللهُمَّ اغفِرْ ذنبَهُ، وطَهِّرْ قلبَهُ، وحَصِّن فَرْجَهُ». قال: فلم يَكنْ الفتى بعد ذلك يَلتفتُ إلى شيءٍ[1].

وفي هذا إرشادٌ للدعاةِ أن يَلجَؤوا إلى العقلِ في بعضِ الأحيان وبعضِ الناس إذا كانت الحالُ تَستدْعي ذلك، كحالِ هذا الشابِّ الذي طَهَّرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم قلبَه من الزنى بتلك المُحاكَمةِ العقليةِ الهادية دون أن يَذكُر له الآياتِ الواردة في تحريم الزنى والوعيدِ للزاني والزانيةِ، نظراً منه أن هذا أقلَعُ للباطل ـ في ذلك الوقت ـ من قلبِ الشابِّ بحَسَب تصوُّرِه وإدراكِهِ .

[1] قال الشيخ عبد الفتاح أبو غدة: انظُر كيف استأصَلَ النبي صلى الله عليه وسلم من نفس الفَتى تعلُّقَه بالزنى، عن طريقِ المُحادثَةِ والمُحاكَمةِ النفسيّة والمُوازنةِ العقلية،