إن كان الفهم ضروريًا للتأثر ومن ثمَّ زيادة الإيمان، فكيف نفسر تأثر غير الناطقين بالعربية بالقرآن؟!!
الجواب:
أولاً: الإيمان محله القلب، ومن تعريفات القلب أنه مجمع المشاعر داخل الإنسان، والإيمان ينشأ في القلب ويستحوذ على جزء من المشاعر عندما يتم التجاوب بين الفكر(الفهم) والعاطفة (التأثر) (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ) [الحج:54].
فلا بديل عن الفهم، ولا بديل عن تجاوب المشاعر مع هذا الفهم إن أردنا زيادة الإيمان في القلب، والذي يؤكد هذا المعنى قوله تعالى(وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الأعْجَمِينَ* فَقَرَأَهُ عَلَيْهِم مَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ) [الشعراء:198 ، 199].
فالآيات تدل دلالة واضحة أن السبب الأساسي لعدم إيمان هؤلاء هو عدم فهمهم للخطاب القرآني لأنهم أعاجم.
ثانيًا: أما بخصوص تأثر غير الناطقين بالعربية بسماع القرآن، فهذا أمر حقيقي ومتكرر، ومنشأ هذا التأثر ليس ناتجًا عن فهمهم لمعاني القرآن وتجاوب مشاعرهم معها, لأنهم لا يعرفون اللغة العربية، وإنما ينشأ هذا التأثر من وقع نظم القرآن وجرسه في نفوسهم، والذي سماه الشيخ محمد عبد الله دراز بالقشرة الخارجية للقرآن، أو الجمال التوقيعي في لغة القرآن … هذا التأثر له دور كبير في استجلاب السكينة اللحظية التي يشعر بها هؤلاء، لكنه كما –أسلفنا – لا ينشئ الإيمان.