ليست المسألة في فهم القرآن أن يكون أحدنا عالمًا باللغة علمًا محيطًا- وإن كنا لا نقلل من شأن ذلك – غير أن القرآن الكريم يسع الجميع، عالمهم وأميهم، من له باع طويل في العلم ، ومن ليس من أهل العلم.
وفي هذا الأثر يدلل لنا سيدنا عبد الله بن مسعود على هذه القاعدة، وأن الأهم هو الاهتمام بمضمون القرآن، وليس شرطًا للدخول على القرآن أن نكون على دراية عالية بعلوم اللغة المختلفة، وعلوم البيان، لافتًا نظر السائل إلى أن من أهم عوامل الانتفاع بالقرآن الاهتمام بحدود الله.
وفي هذا ما يشير إلى أن الإعجاز التأثيري للقرآن مقدم على سائر ألوان الإعجاز القرآني.
مع الأثر:
أخرج ابن الضريس في فضائل القرآن عن الحارث بن قيس قال:
كنت رجلا في لساني لُكنة، وكنت أتعلم القرآن فقيل لي: ألا تعلم العربية قبل أن تعلم القرآن! فذكرت ذلك لعبد الله بن مسعود وقلت: إنهم يضحكون مني، ويقولون: تعلم العربية قبل أن تعلم القرآن، فقال: لا تفعل، فإنك في زمان تحفظ فيه حدود القرآن، وإن بعدك زمانا تحفظ فيه الحروف وتُضيع فيه الحدود[1].
[1] فضائل القرآن لابن الضريس، ص (27).