الناظر لجيل الصحابة رضوان الله عليهم يجد القرآن قد أخذ أعظم حظ في تفكيرهم وكلامهم وأفعالهم، وحتى وصاياهم، لذلك كانت أحوالهم – رضوان الله عليهم أجمعين – كما وصفها الأستاذ سيد قطب فقال: لقد نجح محمد صلى الله عليه وسلم حين صاغ منهم مصاحف تمشي على الأرض.
ولقد كان القرآن هو أعظم وصية يوصون به بعضهم، لما فيه من طريق الفوز في الدنيا والآخرة، وهو الوصية الجامعة، وهو الطريق الكبير للوصول لرب العالمين
والأثر الذي بين أيدينا هو أحد وصاياهم لمن يعرفون ومن لا يعرفون، ولمن يستنصحونهم ومن يحرصون على الوصول إلى لله سبحانه…
فعن أبي ثلابة قال: جاء رجل إلى أبي الدرداء فقال له: إن إخوانًا لك من أهل الكوفة يقرئونك السلام، ويأمرونك أن توصيهم. فقال: أقرئهم السلام ومُرهم فليعطوا القرآن بخزائمهم فإنه يحملهم على القصد والسهولة ويجنبهم الجور والحزونة[1].
والخزائم جمع خزامة وهي حلقة توضع في أنف البعير ليشد بها الزمام، والمراد: استسلم للقرآن، وأعطه زمامك، واتركه يقودك، وسر وراءه تابعًا مطيعًا.
والحزونة: الخشونة.
([1]) فضائل القرآن لأبي عبيد ص 72.